زوج بديل عبر غرف الدردشة: إنتقام وخيانة وجنس وتسالي بالصوت والصورة


فاديا العتيبي - عين نيوز: كانت تترقب بشغف عقارب الساعة منتظرة الدقيقة التي تأتي لخروج زوجها من المنزل، بعد أن كانت في سابق الأيام تنتظر موعد وصوله لتستقبله بأبهى حلة، أو لتحاسبه بقليل من العتب عن سبب تأخره، لتنقض فورا على فريستها القابعة في منزلها، لتضغط على أزراره، وتقلب صفحاته، وصولا لمأربها، “غرفة التشات” أو “غرفة الدردشة كما يسميها البعض.
حياتها الزوجية قلبت رأسا على عقب، فلم تعد تأبه لزوجها ولمنزلها كما كانت، كان الملل والضغط و الكبت مسيطرا عليها، بسبب إنشغال زوجها لساعات طويلة في عمله، لتظل حبيسة جدران المنزل، أسيرة الإحباط والرتابة، فتجد ضالتها في غرف “التشات” : الصديق..الحبيب.. الشريك، تعددت المفردات لكن المقصود به، رجل إتخذته بديلا لزوجها وحياتها، لتقضي الوقت معه ، تدردش ، تفضفض، تعوض ما ينقصها، معظم ساعات يومها.
أسماء مستعارة ، سير ذاتية من وحي الخيال، و صور شخصية مركبة أقرب للإثارة، تستخدمها للوصول للشخص الذي يروقها، لترمي بشباكها متوقعة بأنها اصطادته بغرض التسلية، دون أن تدرك أنه الصياد ..وهي الفريسة، أنه الجلاد.. وهي الضحية، فتقع أسيرة في مصيدته، تحاوره ، تناقشه ، قد تكسر حاجز الصمت الذي يحوطها، إذا اتسم نوع الحوار بالمتزن نوعا ما، لكن إذا تعدى أسلوب الحوار الخط الأحمر، فحتما الشيطان سيزين الحرام بالنسبة لها ، لتقع في المحظور وهنا الكارثة.
قصص تروى من واقع مجتمعنا المحافظ، روايات لم تنسج أو تلفق لنساء يعيشن بيننا، بل هي موجودة وفي ازدياد ، طالما عوامل الخلل في مجتمعنا موجودة لتبرر فعلتها وتتمادى في “انحلالها” .
تقول “سحر” وقت الفراغ الكبير الذي أعيشه كاد يقتلني خاصة وأنني لم أنجب حتى الآن، ولم يكن أمامي خيار سوى عالم الإنترنت، كنت أتصفحه إما للبحث عن وصفات الطبخ، أو عن آخر التصاميم لدور الأزياء العالمية، أو آخر مساحيق التجميل إبتكارا، حتى في إحدى المرات وبمحض الصدفة دخلت في إحدى المنتديات التي تحوي غرف الشات ، وبدأت أكتب وأحادث من يعترضني ، واستهواني الأمر، وبقيت على هذه الحال حتى استوقفني أحدهم،كان المزاح والكذب صفتان متلازمتان لفحوى حديثنا، ليتطور أسلوب الحوار و نتطرق في أحيان أخرى للحديث عن كثير من الأمور الحياة.. الحب ..الجنس، حتى انخرطنا فيه تماما، بدأ يستهويني كلامه، أسلوبه، إهتمامه، ملاطفته ، حبه الذي أصبح يصرح فيه علنا، لدرجة أنني لم أعد أطيق فراقه، لتتطور الأمور بيننا وتتنوع وسائل المحادثة من خلال إستخدام المايكرفون والكاميرا لتكتمل أركان اللقاء بيننا: الصوت والصورة.
تتابع قائلة لم أعد أهتم بزوجي وإن كنت أحبه، لكنه ليس مثل الرجل الذي أحادثه، أحسست بأنني أنثى بعد أن نسيت ، بت أسمع كلام الحب والغزل بعد أن فقدته، حتى رغبتي الجنسية باتت تتأجج أكثر بعد أن أطفأت بإنشغال زوجي عني طيلة اليوم.
“المزيونة”…” كاسرة العيون”…”صدى الأشواق”…كلها أسماء خليجية مستعارة تتخذها أثناء محادثاتها مع الرجال الذين تستهويهم وتحديدا من منطقة الخليج العربي، لعلمها بأنهم يعيشون في بلد غير بلدها ، وأنه مهما حصل من خلاف فلن يكون بمقدورهم الوصول لها، وكأن شيئا لم يكن.
تقول ال(اختر ما شئت من الأسماء السابقة): زوجي هو من دفعني لخوض ها العالم، بعد أن أيقنت أنه على علاقات سرية وجنسية مع نساء من دول مختلفة تعرف عليهم بغرف الدردشة ويمارس معهم الجنس من خلال الإنترنت ، حتى أصبحت رغبة الإنتقام تترنح أمامي أمام ناظري ، تأكيدا على الحكمة التي تقول “كما تدين تدان” ومثلما يخونني فسأرد له الخيانة أضعاف، وبنفس الوسيلة و بذات الرغبة.
أما “ندى” المتزوجة منذ خمس سنوات فتقول:لم أكن أبدا على دراية بماهية التشات “، فقد كنت أجهل هذا العالم تماما، لكن مع مرور الوقت أصبحت قادرة على التعامل مع الكمبيوتر وتصفح الإنترنت، حتى بت متمكنة من حيثياته ومولعة به في ذات الوقت، وبدأت اتعلق به أكثر عندما تعرفت على أحدهم في إحدى صفحات الدردشة، كانت التسلية هي الهدف الأساسي من معرفتي به، وفي حال أصابني الضجر منه ، تجدني أتعرف على آخر، وأحيانا أخرى أحتفظ بهما معا، فكل شخص منهم لدي قصة معه تختلف عن الآخر، وهكذا حتى أصبحت متعة بالنسبة لي.
وتضيف بأن “السرية” التي تتوفر في معرفتي بهؤلاء الأشخاص من خلال غرف الدردشة هي التي تجعلني أستمر في هذا الأمر، فأنا بالعادة أتعرف عليهم بإسماء مستعارة لفنانات ومطربات عربيات ذوات شهرة، كما أنني لا أضطر للقاءهم في حال كانوا من ذات البلد الذي أقطن فيه، الأمر الذي قد يثير الشبهات ضدي ، فوسائل المحادثة من خلال الكاميرا والمايكروفون تمكنني من اللقاء بهم وأنا في قعر داري.
في حين”البيبي دول” هذا هو الأسم المستعار التي تكنى به في غرف الشات، اسم يحمل من تركيب حروفه إيحاءات جنسية الهدف منها إستقطاب أكبر عدد من الرجال في مواقع الدردشة من مختلف الدول العربية، تقول بأن الرغبة الجنسية هي أساس معرفتي بهؤلاء، لتبرر فعلتها وتتابع أن زوجي الذي يقضي معظم ساعات اليوم في عمله يعود منهكا، أوشك أن ينسى أن هناك إمرأة ذات مشاعر وأحاسيس ، تنتظر منه لمسة حنان ورومانسية، أو حتى رغبة جنسية، ليشح علي بها وإن كانت بطريقة تقليدية باتت أشبه بالروتين ، لأضطر أن اعوض ما ينقصني من خلال هذه الوسيلة خلال ساعات النهار وفي ظل غياب زوجي.
بالنسبة لـ”هبة” التي لم تمضي السنة على زواجها تقول أنني إستطعت من خلال غرف ” التشات” التواصل مع صديقي الذي كنت على علاقة به قبل زواجي من رجل هو الأفضل إجتماعيا وماديا من وجهة نظر عائلتي، ليرفض طلبه بالزواج مني، ولأعاود الإتصال به ومحادثه ومشاهدته وأسترجاع أجمل الذكريات معه ، لساعات طويلة من خلال وسيلة ” التشات ” ، ودون علم زوجي ، فقبل أن يحين موعد وصوله للمنزل أكون قد أزلت كل المحادثات التي دارت بيننا على جهاز الكمبيوتر وكان الله بالسر عليم.
قصص أشبه بالخيال في مجتمع يحكمه التقاليد والعادات، هي موجودة وستظل موجودة لو أنعدمت الأخلاق والثقة والدين، كم من حادثة سمعناها عن عائلات هدمت أعمدتها من وراء الشات، وصل الامر لحد الطلاق أو القتل ، كما حصل في تلك الحادثة التي تناولتها الصحف المحلية والمواقع الإلكترونية على صفحاتها، الحادثة التي أقدم فيها الزوج على قتل زوجته وألقاها في إحدى الطرق الخارجية، حيث ترددت الشائعات أن السبب الحقيقي وراء قتل الزوجة “الشات”. وحادثة أخرى حين قام أحد الأزواج بتصفح البريد الإلكتروني لزوجته وإعادة كل المحادثات الكتابية التي قامت بها الزوجه مع صديقها ليكتشف خيانتها له ويقوم بتطليقها على الفور دون تردد.
تلك حكايات نسمعها وسنظل نسمعها، لزوجات إتخذن من عالم التشات او الدردشة الوسيلة لإقامة علاقات عاطفية وجنسية غير مشروعة.
عالم التشات الذي بات بحسب كثير من الدراسات العلمية من أكثر الطرق شيوعا للخيانة الزوجية ، وان نسبة من يتخذون من هذه التقنية وسيلة لتفريغ طاقاتهم الجنسية والعاطفية في إزدياد مطرد.
لكن من المسؤول عن هذه الظاهرة التي وصلنا لها، و التي أباحت للزوجة أن تخوض هذا ” التابو” ، هل هي الزوجة نفسها، أم الزوج، أم التكنولوجيا الحديثة التي أسيء إستعمالها.
إستشارية علم الإجتماع الدكتورة إكرام العش لديها تفسير على تلك الظاهرة حيث تقول، أن هذه الحالة تفسر بأنها”إنحراف مجتمعي”، فالزوجة التي تعاني من فراغ عاطفي وينقصها الحنان والمشاعر المرهفة ، وإنعدم الحوار بينها وبين زوجها ولا تجده بحكم إنشغاله، سوف تنتهي حتما لهذه النتيجة، لكن هذا الأمر يعتمد على شخصية الزوجة نفسها، فإذا كانت لديها قابلية للإنحراف وتوافرت في الوقت ذاته العوامل المساعدة فإنها ستسلك هذا الطريق.
وتضيف بأن هذا الأمر قد نعلله على أنه نوع من الهروب الذاتي ورغبة في الإنتقام من الزوج والوضع القائم لتبرر فعلتها وتتنصل من أي مسؤولية تقع عليها تجاه نفسها وزوجها .
وتشير الدكتورة العش إلى أن الخطورة تكمن في نوعية الحوار بينها والطرف الآخر، فإذا سلك هذا الحوار طريق الإنحراف والإنحلال فإن كل المحرمات ستحدث وإن كانوا بعيدين جسديا عن يعضهم البعض.
وتؤكد على أنه من الصعب أن نحمل المسؤولية لأي طرف منهم وإن كان الزوج يتحمل جزءا من المسؤولية، إلا انه في النهاية الأمر يعتمد على شخصية المرأة التي في حال رضيت على نفسها الإهانة بغض النظر مخافة الله وتمسكها بالأخلاق واحترام ذاتها وحياتها الزوجية، ولديها قابلية للإنحراف فحتما ستسلكه.

0 التعليقات:


صفحات الموقع